فاطمة الزهراء فلا



نظم اتحاد الكتاب بالدقهلية ندوة موسعة بعنوان (الإبداع والإنترنت) حضرها الاديب السكندري احمد فضل شبلول والشاعر جابر بسيوني ولفيف من ادباء وشعراء الدقهليةوقد تحدث الأديب والشاعر عن

الانترنت قائلا:لا نستطيع أبدا أن ننكر فضل الورق في التمهيد للثورة الرقمية الهائلة وللكتب الإلكترونية الجديدة.

المشكلة الكبرى في مسألة القراءة الإلكترونية هي أن الناس لا يفضلون كثيرا القراءة من فوق الشاشات، وأنهم يفضلون القراءة في الورق. ولكن حتما ستتغير عادات الناس مع تغير الأجيال، وحتما ستختفي صناعة الورق لتحل محلها صناعة الألياف البصرية، وتصبح جبال السيليكون هي الغابات الجديدة التي يرعاها البشر في المستقبل القريب، وليس البعيد.

فالأجيال الجديدة التي تبدأ الآن حبوها هي التي ستحسم قضية القراءة ما بين الورقية والإلكترونية.

وأعتقد أن النشر الإلكتروني لن يلغي النشر الورقي، على الأقل خلال العشرين عاما القادمة، ولكن هذا النشر الورقي سيختفي تدريجيا بعد ذلك، ودون أن يقصد الناشرون أو القراء ذلك.

فبعد أن تنتشر المعارف الإلكترونية والكتب الإلكترونية، ويكثر قراؤها والمتعاملون معها، لن تصبح هناك حاجة إلى الكتب الورقية، أو النشر الورقي.

أيضا عندما تجد الأجيال التالية كل ما تحتاج إلى قراءته منشورا على شبكة الإنترنت أو على أقراص مدمجة (C.D) وتصبح هناك ألفة وعادات جديدة على القراء لم تعرفها الأجيال الحالية والسابقة، فإن ذلك سيكون مدعاة لاختفاء الورق، والنشر الورقي، دون أن يشعر الناس بذلك.

ستصبح الكتب الورقية بعد ذلك مثل لفائف البردي ورقاع الجلود وأوراق الكتان، والكتابة على الأحجار، لأن عصر الورق سينتهي حتما، فنحن نعيش العصر الرقمي الذي تتضح آثاره في كل شيء الآن.

وقد كشفت حادثة انقطاع كابلات الإنترنت في البحر المتوسط مؤخرا، عن شدة ارتباطنا بهذه الشبكة، وأنا أشبه تلك الحادثة بحريق مكتبة الإسكندرية القديمة، ولكن من حسن الحظ أنه تم التغلب سريعا على تلك المشكلة، وعادت الأمور إلى ما كانت عليه، بل أفضل، قبل انقطاع تلك الكابلات.

دعونا لا نحكم على الأمور بذائقتنا نحن القديمة، ولكن نتخيل ما سيحدث للأجيال الجديدة الطالعة التي أصبح الكمبيوتر وشبكة الإنترنت من أهم مفردات حياتها، ثم نرى هل سيكون للورق والكتب الورقية مكان مهم في مكتباتهم ومعارفهم وحياتهم بصفة عامة؟

دعونا نرى إلى أي حد يتفاعل الشباب الآن مع القراءة النصية على أجهزة الموبايل أو المحمول، كيف يقرأ النصوص وكيف يكتبها، بل تصلني الآن قصائد وقصص قصيرة على جهاز الموبايل الخاص بي، وهو إبداع كتب أو صنع بطريقة مكثفة ويجتهد صاحبه لتستوعب تلك الشاشة الصغيرة أكبر قدر ممكن من كلمات القصيدة أو القصة.

ولعلنا نتذكر أن التلفون المحمول الذي رُخص له لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1983، خرج وقتها من يقول "إن نصف الأمة أصابه جنون التلفون المحمول" ووصف آخر الحدث بالوقوع في غرام التلفون المحمول، وظهرت خدمات جديدة مثل خدمة الرسائل القصيرة، وأصبح المراهقون مهووسين بإرسال الرسائل النصية، وأصبحت قواعد اللغة والهجاء غير مهمة على الإطلاق، ولعلنا نجد الحال نفسه في اللغة العربية التي تكتب بها لغة الإس إم إس، ورسائل البريد الإلكتروني، والمحادثة على النت.

وتساءل البعض عن الآثار الجانبية لهذه التكنولوجيا الجديدة، وهل هناك مخاطر صحية من موجات الإشعاع بالقرب من الأذن؟ وغيرها، ولكن بات واضحا أن هناك حديثا يدور عن انتهاء زمن التلفونات التي على المناضد في المكاتب والحجرات (أو التليفونات الأرضية)، وأن تحولا سيحدث في فضاء المنضدة إلى الفضاء الرمزي، (أو الواقع الافتراضي) خاصة بعد ربط التلفونات المحمولة بالإنترنت. وكثرة حدوث التحليق في هذا الفضاء يخلق نوعا من الإدمان نبه إليه أحد مرشدي العقاقير فقال إن أجهزة الحاسب أكثر إحداثا للإدمان من الهيروين.

أيضا يتدخل في الأمر قدرة القارئ على قراءة ما على الشاشة سواء كانت شاشة المحمول أو شاشة الكمبيوتر، فما زال الكثيرون منا غير قادرين على القراءة الطويلة على الشاشات. أنا شخصيا لا أستطيع أن أقرأ رواية أو بحثا طويلا بأكمله على الشاشة، ولكن قد يستطيع ذلك الأجيال الطالعة، خاصة إذا كانت هذه الرواية أو البحث به الكثير من الصور أو الموسيقى أو لقطات الفيديو أو الصوت أو غير ذلك من المالتي ميديا.