فاطمة الزهراء فلا
«قليل من الحظ» .. مجموعة قصصية لإياد نصار



صدرت عن دار فضاءات للنشر والتوزيع المجموعة القصصية الثانية للقاص اياد نصار بعد مجموعته الاولى ''أشياء في الذاكرة'' التي صدرت العام الماضي.
تطرح المجموعة قضايا الانسان المعاصر وأزماته النفسية والاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، حيث تمثل كل قصة محورا رئيسا من محاور العلاقة الشائكة والمشتبكة بين الفرد والمجتمع، وافرازاتها من القلق والصراعات والضياع والهموم والموت العبثي التي صارت تتسم بها حياة الانسان، وخصوصا في المجتمعات التي ينهشها العنف والتطرف في مستهل القرن الحادي والعشرين، وبما تنطوي عليه من إضطراب وتمزق وإحساس بالخوف وخديعة واغتراب عن المكان.
وترسم المجموعة بلغة سردية جميلة تشد القارىء منذ البداية، ومثقلة بالايحاءات والتلوينات النفسية، صورا ومفارقات من مظاهر بؤس الانسان.
وإذا كانت المجموعة تنطلق من المكان الاردني فإنها تحلق في فضاءي الزمان والمكان ما بين عمان وبغداد والقاهرة وبيروت والرياض وجنيف ولندن وغيرها، وتنشغل بمشكلات المجتمع العربي الراهنة في ظل انتشار الحروب والفقر والتطرف والتشظي الفكري والاجتماعي.
توظف المجموعة في لغة قصصية بارعة الوصف وتقنيات السرد وصيغ الزمن المختلفة والاحلام والكوابيس والحوار ورحلة البحث عن الذات والحياة بعد الموت واستحضار التاريخ لتشكيل محطات، تدفع القارىء للتفكير في ما وراء ظاهر الاشياء وصراعات أبطالها الداخلية والخارجية والتعاطف معهم، إذ يصبحون ضحايا في عالم يمارس القهر وتغييب احترام الانسان، منذ أن أطل المجتمع العربي على صدمة العصر الحديث.
يقول الناقد د. محمد عبيد الله عن المجموعة: ''في هذه المجموعة كثير من الحظ، خلافا لعنوانها الدال، والحظ الذي نقصده يتشارك فيه القارىء والكاتب معا، إذ سيحظى القارىء بمجموعة قصصية جديدة تعيدنا الى وهج القصة النفسية أو السيكولوجية، التي تحاور أعماق الانسان ووجدانه في عالمنا الراهن، وخلال ذلك ترصد تأثيرات الأحوال الكبرى والتغيرات الجذرية التي تواصل فعلها وتأثيرها، سواء ما يتصل بالحروب وما خلفته من تشوهات وتمزقات، أو تحولات العالم الجديد، عالم الاتصال والعولمة والانفتاح والتجارة وما خلفه ذلك على الوجدان الانساني.
تؤكد هذه المجموعة المتميزة مع مجموعات أخرى لكتاب معاصرين أن القصة القصيرة لم تستنفد أغراضها، ولم تزل نوعا أدبيا حيا مفتوحا على المستقبل، وأن التلويح بموتها ليس إلا إحدى إشاعات النقد الجديد المولع بصيغ الموت وإعلانات التأبين.
مجموعة إياد نصار الجديدة تطل بلغة أنيقة متقشفة، ومركزة على الوصف الداخلي، وعلى حركة الإنسان الجوانية، دون أن تنسى متطلبات السرد وتتابع الحكاية، ودون أن تتخلى عن منظور القصة القصيرة التي تتخذ من الإختزال ومن الاقتصاد اللغوي أساسا لبنائها، وهي في ذلك تسير على المبادىء الكبرى لروادها الأوائل، وتطورها بما يناسب زماننا الراهن''.
تفتتح المجموعة بقصة ''المصير'' التي تطرح مآسي الحرب وويلاتها على الانسان وما يصاحب ذلك من إنهيار أحلامه وشعوره بالتشظي وانغماسه في التفكير في فلسفة الحياة والموت ومعنى الوجود. أما القصة التي أعطت المجموعة اسمها ''قليل من الحظ'' فهي تجسيد للمعاناة الانسانية. تجري أحداثها ما بين عمان ولندن وتتحدث عن امرأة تهل عليها المصائب من كل صوب بينما تصر على القيام بواجبها. إنها قصة معاناة الانثى في وجه الظروف والمجتمع.. معاناة الحرمان من الامومة والاستغلال من قبل تجار البشر وفقدان شريك الحياة ومصاعب العمل والفراق.
يشار الى ان اياد نصار قاص وكاتب وعضو رابطة الكتاب الاردنيين، حاصل على درجة البكالوريوس في اللغة الانجليزية وآدابها بتقدير إمتياز مع مرتبة الشرف الاولى، كما درس الهندسة المعمارية. نشر عددا من القصص القصيرة في بعض الصحف العربية والمواقع الثقافية، كما قام بترجمة العديد من القصص القصيرة والقصائد من الادب الانجليزي والامريكي ونشر بعضا منها في المجلات الثقافية العربية والصحف. له إهتمام بالنقد الادبي، حيث نشر عددا من المقالات النقدية حول القصة القصيرة والرواية الاردنية وكذلك حول الانجازات الروائية المعاصرة في الادب الغربي.