الإسكندرية ـ افتتح الفنان فاروق حسني وزير الثقافة المصري واللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية ويرافقهم د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة مؤتمر أدباء مصر في دورته الرابعة والعشرين، وذلك مساء الجمعة 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري في مركز الإسكندرية للإبداع. وأعرب الوزير في بداية لقائه المفتوح بالأدباء والمثقفين عن شكره للسيد المحافظ واصفا إياه بالرجل الرائع الذي أقام الجمال في قنا أثناء توليه، كما شكر رئيس المؤتمر د. عبدالمنعم تليمه لقبوله رئاسته، والأمين العام الشاعر فتحي عبدالسميع. وتحدث عن الدكتور أحمد مجاهد قائلا: إنه صديقى وهو من الأختيارات الرائعة لإجادته العمل وأنجازه في هذه المؤسسة الرائعة. وعبر عن سعادته باستضافة الإسكندرية للمؤتمر، قائلا: أنا أحد أبناء هذا المؤتمر، فقد كنت أحلم بهذا اليوم وناديت كثيرا بأن يقام فى الإسكندرية كمدينة رائعة منذ فجر التاريخ، وكنت سعيدا بشرح د. مجاهد لأنشطة الهيئة مؤكداً على أن الثقافة دائماً هى لغة الشعب للشعب.
المؤتمر وسمات الحضارة
وفي كلمته قال اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية "إن الأدباء والفنانين والكتاب سجلوا لنا ولهذا الوطن أرقى مظاهر الفنون والآداب في مختلف المجالات، ويأتي ونحن نحتفل ببداية العام الهجري الجديد، وكل عام وأنتم بخير جميعا، كما يأتي أيضا ونحن على مشارف يوم الميلاد المجيد الذي يصادف جعل محافظة الإسكندرية عاصمة للسياحة العربية، حيث اختارتها جامعة الدول العربية كأول مدينة عربية تحظى بهذا الشرف الكبيرفي العام القادم ، اعتادا على مكوناتها التاريخية والحضارية والأدبية.
وأضاف "لعل مؤتمر اليوم هو أحد سمات هذه الحضارة المتميزة، ونحن نرحب بالذين قدموا إلينا من خارج مدينة الإسكندرية للمشاركة في هذا المؤتمر ذي الرسالة الواضحة وتتمثل في تشجيع الأدباء الشبان أولا والاستفادة من الأدباء الكبار الذين مازالوا يكونون جزءا من الوطن ويسهمون مع غيرهم في الارتقاء بالإنسان المصري اعتمادا على الأدب الراقي والفنون الجميلة في وقت أصبحت التحديات فيه كبيرة أمام الثقافة المصرية في ضوء العولمة والعلاقات الدولية المستحدثة.
وأشار المحافظ إلى أن أهمية هذا المؤتمر والمشاركين فيه والذي نعوّل عليهم كثيرا في تحقيق هذه الرسالة السامية للأديب المصري على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي.
وفي نهاية كلمته شكر اللواء عادل لبيب جميع المشاركين والقائمين على الثقافة بإقليم الإسكندرية وغرب الدلتا.
مجاهد يقدم كشف حساب ثقافيا
وفي كلمته وجه د. أحمد مجاهد رئيس الهئة العامة لقصور الثقافة التحية والشكر للفنان فاروق حسني وزير الثقافة الذى حرص على لقاء الأدباء فى هذا العرس الكبير قناعة منه بقيمة هذا المؤتمر ودور هذه المؤسسة "الهيئة" التى لم يتأخر عن دعمها فنيا ومعنويا، كما شكر اللواء عادل لبيب على استضافته لهذه الدورة من المؤتمر ليقدم القدوة على دعم الثقافة والفنون فى محافظة الثقافة والفنون ، كما شكر أيضاً د. عبد المنعم تليمه على موافقته على رئاسة هذه الدورة والشاعر فتحى عبد السميع أمين عام المؤتمر الذى بذل جهداً كبيراً لنجاح هذا المؤتمرمع أعضاء الأمانة ، كما شكر الأدباء والنقاد والأعلامين.
وذكر أن رؤساء الهيئات اعتادوا أن يقدموا الأنجازات "ولكني لا أفعل ذلك ولكن اعرض إضافة فيما يتعلق بالمواقع الثقافية فهناك ستة مواقع ثقافية تم افتتاحها، بالإضافة إلى تجهيز ثمانية مواقع للافتتاح، وهناك فى الخطة عشرون موقعاً سيتم افتتاحهم.
ثم تحدث عن المشكلات الكبرى التي واجهت الهيئة والتي تم حلها في الفترة المتأخرة، ومنها افتتاح قصر ثقافة الغردقة والذى كان معطلاً منذ عشرين عاماً ولولا تدخل الفنان فاروق حسني وحصوله على موافقة من رئيس الوزراء لما تمكنا من افتتاح هذا القصر الذى يحتوى على 46 غرفة فندقية، والقصر الثاني هو قصر ثقافة المنيا الذي توصلنا إلى حل مشكلته القانونية الخاصة والذي يجهز الآن للعمل خلال العام القادم، أما المشكلة الثالثة فهي خاصة بمقر الهيئة حيث تم تخصيص أرض السامر لتكون مقرها وتم طرح المشروع على المكاتب الاستشارية الكبرى.
ثم تناول اهتمام الهيئة بالثقافة الرقمية فقال أقمنا أول مؤتمر للثقافة الرقمية بالإسكندرية إلى جانب إصدار سلسلتين جددتين هما: تاريخ الشباب ويرأسها د. عماد أبو غازى وسلسلة خاصة بالثقافة الرقمية.
وأشار مجاهد إلى أنه ستصدر مجلة للفنون التشكيلية، ومجلة الثقافة الجديدة صدرت بشكل جديد ونظمت المجلة مسابقة أدبية بدعم من وزير الثقافة وبلغ مجموع جوائزها 60 ألف جنيه، ولاقت إقبالاً كبيراً، أما بالنسبة للنشر الإقليمي فقد كانت ميزانيته 185 ألف جنيه بحيث يصدر كل إقليم كتابين، وزادت هذه الميزانية بنسبة 100%، لأن مهمة الهيئة نشر الثقافة والإبداع في كافة الأقاليم. أما بخصوص النشاط المسرحي للهئية فقد عاد بعد توقف دام 6 سنوات بمهرجان مسرح الفرق القومية، وأعدنا مسرح منف وتجديد مسرح السامر، ولأول مرة تفوز فرقة مسرحية من فرق الهيئة بالجائزة الأولى فى مهرجان المسرح القومى.
وبالنسبة للنشاط السينمائى أشار رئيس الهية إلى أنه تم إنشاء وحدة رسوم متحركة وحازت على جوائز مختلفة بالإضافة لإنتاج 20 فيلما روائيا وقصيرا، وكذلك في مجال الفن التشكيلي تم الاحتفال ببينالى بورسعيد بعد توقف دام أربع سنوات، ولأول مرة يخرج ملتقى الفخار من قنا إلى المنوفية بقرية أشمون جريس ومرة ثالثة للوادي الجديد.
وفي مجال النشاط الموسيقى أوضح رئيس الهيئة أنه الفنان أحمد إبراهيم مدير إدارة الموسيقى انتهج نهجاً جديداً، حيث أقام مسابقة العام الماضي في ألحان فنان الشعب سيد درويش، وفي هذا العام يتم الاحتفال بذكرى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وقدمت فرقة البحيرة التي فازت في مهرجان الموسيقى عروضها الموسيقية بأوبرا الإسكندرية والمنوفية بمسرح الجمهورية.
ولأول مرة يتكون منتخب الهيئة من 200 فرد، وشاركت فرق الفنون الشعبية بالهيئة في الاحتفال بتعامد الشمس بأسوان، وفي المهرجان الأول لفنون البحر الأحمر بالسويس، ولا يزال أتوبيس الفن الجميل يمارس نشاطه المستمر، حيث أقام جدارية تبلغ 50 متراً.
وتبنت الهيئة مؤخراً الأهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة حيث تقرر أن يكون لهم إدارة خاصة بالهيئة، وتم إقامة أول مؤتمر لذوي الاحتاجات الخاصة، وهناك مستشار خاص لهذه الفئة من المجتمع.
كما تم تنظيم عدد من القوافل الثقافة بالمناطق الحدودية بمطروح والوادى الجديد وحلايب وشلاتين، وتم توقيع أربعة بروتوكولات بين الهيئة والجمعيات الأهلية وجمعية الرعاية المتكاملة والمجلس القومى للشباب والمركز القومى للسينما لحل أزمة المواقع الثقافية غير المؤهلة في المحافظات.
النهضة وقوف بعد قعود
أما د. عبد المنعم تليمه رئيس المؤتمر فقد بدأت كلمته بقوله تحمل كلمة (النهضة) في اللغة العربية الحديثة منذ فجر القرن التاسع عشر دلالة تاريخية وحضارية فريدة لا تحملها في أية لغة، ذلك أن هذه الكلمة، النهضة، تساوي وتطابق في العربية العصرية كلمة (التجديد). لقد كانت النهضة الأوروبية إحياءً لموروث توارى خمسة عشر قرناً وكاد يموت ويندثر، أما نهضتنا الحديثة فإنها تأسيس على موروث صعد ثم خمد ثم جدت عوامل تاريخية فاعلة فنهض. انتقالات موروثنا في التاريخ البشري: صعود وخمود ونهوض. وفي أدنى لحظات الخمود، تراجعت الطاقة الغنائية الخالقة في هذا الموروث، بيد أن هذا الموروث، لم يندثر ولم يمت. لهذا كانت النهضة الأوروبية إحياء، وكانت نهضتنا استئنافاً، كانت، ولا تزال تجديداً لقديم يتجدد بعوامل تاريخية جديدة.
واستطرد د. تليمة قائلاً إن النهضة وقوف بعد قعود، وتقدم بعد وقوف، فهى حركة تاريخية شاملة، ولذا فإن نهضتنا في التاريخ الحديث، منذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، صاغت لنفسها غايات مدارها الانتقال من العلاقات الكلاسيكية التقليدية إلى العلاقات الجديدة العصرية. وحسبنا في مقامنا هذا أن نقف عند البنية الثقافية في نهضتنا الحديثة والمعاصرة، ونخص ما يتصل بما نحن بصدده اتصالاً حميماً، وهو الإبداع الأدبى.
وأشار رئيس المؤتمر إلى أن المؤرخ الراصد للأدب العربى الحديث والمعاصر بجد أنه قد جرى فى نهرين عظيمين: أولهما تجديد الأصيل وهو الشعر. وثانيهما تأصيل الجديد وهو الأنواع الأدبية المستحدثة، القصة والرواية والمسرحية والسيرة الذاتية. وكان تجديد الأصيل، الشعر، ولا يزال قلب البنية الثقافية العربية الحديثة وقاعدة النهوض الأساسية.
جئنا لنحتفي بالشعر
واستهل الشاعر فتحى عبدالسميع أمين عام المؤتمر كلمته بقوله: لقد تركنا كلَّ شيء وجئنا نحتفى بالشعر، تركنا أزمات وقضايا كبيرة جعلت أحد المهمومين يفزع: هل هذا وقت الشعر؟ ما هذا التعالى عن الواقع ومشكلاته الضاغطة؟ نعم هذا وقت الشعر، فالشعر ليس رفاهية، وليس استرخاء وليس تسلية، الشعر ضرورة، ويقظة، وبناء داخلي متين ومهيب، ليس غيابا عن الواقع بل هو الحضور الأعمق في قلب العالم. وفي طرح الشعر على بساط البحث طرح عميق لكل قضايانا ومشكلاتنا.
وأوضح أمين عام المؤتمر أن هذا المؤتمر يأتي في إطار مناسبة هامة، وهي الاحتفال بمرور ربع قرن على تأسيسه، والمناسبة تستحق اهتماما من الحياة الثقافية في مصر بشكل عام لرصد ما قدمه واستشراف ما يمكن أن يقدمه، ولا شك أنه أمر مدهش أن يواصل ذلك المجرى الأدبي مسيرته في ظل تقلبات كثيرة، حتى يتحول إلى واحد من أعرق المؤتمرات في العالم العربي، وأكثرها انتظاما، وهو شيء يحسب بالتأكيد للفنان فاروق حسني وزير الثقافة، وإذ كنت أتوجه له بالشكر الكبير، فإنني آمل ان نستفيد من فرصة وجوده معنا، وأن نتقدم له بمقترحات وأفكار جادة، تليق به وبنا، وأتمنى أن نتحرك من مفهوم أدباء الأقاليم، إلى مفهوم الأقاليم فقط، لقد فقدت كلمة أدباء الأقاليم قيمتها تماما، وهي لا معنى لها بالأساس. أما مفهوم الأقاليم بحد ذاته فهو مفهوم هام جدا على المستوى الثقافي، فالحقيقة أن لدينا ثراء ثقافيا كبيرا ومهمشا، لدينا خصوصيات كثيرة ًينبغي أن نهتم بها، لدينا موروثات تتبدد ولابد أن نقبض عليها، لدينا كنوزا في كل شبر في مصر وعلينا أن نكتشفها، لدينا الكثيرمن المناطق التي لم تدخل في هويتنا الثقافية بالشكل المطلوب، ولا بد من الإهتمام بتلك الجداول بحيث تصب في النهر المصرى وتثريه.
لحظات التكريم
وقد كرم الفنان فاروق حسني وزير الثقافة ود. مجاهد ورئيس المؤتمر والأمين العام كلا من: الناقد د. عبدالغفار مكاوي، ود. عبدالمنعم تليمه، ود. سيد البحراوي، والشاعرة د. فاطمة قنديل، والشاعر إبراهيم جاد الله، والروائي عصام راسم فهمي، والشاعر السكندري أحمد فضل شبلول، والناقد والمخرج علي المريخي، وأسماء الراحلين الشاعر كامل عيد رمضان، ود. وليد منير، والشاعر محمد العتر، والكاتب الصحفي محمد هيكل بإهدائهم درع الهيئة العامة لقصور الثقافة وشهادة تقدير.