فاطمة الزهراء فلا
كتبت أسطرا على الورق/ ومرت الريح بها/ فأصبحت دخانا/ وحينما أشعلتُ قلبي فاحترق/ وجدت أسطري/ تفجرت نيرانا!!

تمر اليوم 17 يونيو ذكرى وفاة صاحب هذه الكلمات الشاعر الكويتي أحمد العدواني، الذي رحل عن عالمنا عام 1990 ويعد أحد أهم الشعراء الكويتيين حيث تناول في شعره القضايا الكبرى التي شغلته، وللشاعر العدواني دور فاعل في تطوير الثقافة في الكويت خاصة عندما شغل منصب الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أيضا كتب العدواني النشيد الوطني لدولة الكويت يقول فيه: وطني الكويت سلمت للمجدِ/ وعلى جبينك طالع السعد/ بوركتَ يا وطني الكويت لنا/ سكنًا وعشت على المدى وطنا/ يفديــك حرٌّ في حماك بنى/ صرح الحياة بأكرم الأيـــدي.

ترجمت قصائده إلى لغات عديدة منها الإنجليزية، والفرنسية، والصينية، والإسبانية، وكان له دور كبير في بدايات المسرح الكويتي وهو صاحب فكرة تدوين الأمثال والحكم الكويتية، بدأ في نشر قصائده منذ عام 1947م وتميزت بالتهكم والسخرية على حال العرب.

العدواني من مواليد الكويت عام 1923، بدأت علاقته بالشعر حين كان يأخذه والده معه في رحلاته البرية الى الفنطاس، حيث يجتمع مع أصدقائه ليتطارحون الشعر، فشغف بما يقولونه، حيث كان يخرج من الجلسة وهو حافظ الكثير من الأبيات الشعرية، فتكونت عنده من خلال هذه الأمسيات نزعة حب الشعر وحب القراءة، بدأ تعليمه في الكتاب ودرس في المدرسة الأحمدية والثانوية في المدرسة المباركية عام 1938، وبرز بين زملائه في اللغة العربية، وفي عام 1939 سافر الى القاهرة مع أول بعثة تعليمية كويتية، حيث حصل على الشهادة الأهلية من كلية اللغة العربية من جامعة الأزهر، وفي عام 1949 عاد الى وطنه الكويت وعمل مدرسا في القبلية الابتدائية والمتوسطة ثم مدرسا في ثانوية الشويخ عام 1954.

كان الشاعر أحمد العدواني مقلاً في إنتاجه الشعري، حتى أنه توقف عن النشر تمامًا لسنوات طويلة، حتى أن ديوانه الشعري الوحيد "أجنحة العاصفة" الذي صدر في حياته لم يصدر سوى عام 1980م، وكان يمثل تجسيدًا حقيقيًا لمرحلة فكرية انعكست على المسار الشعري في الكويت ككل هي مرحلة الستينيات والسبعينيات، المفعمة بروح المد القومي العربي وتجلياته الثقافية والفكرية والإبداعية أيضًا.

من ديوانه "أجنحة العاصفة" نقرأ تحت عنوان "جواب": تُسائلني الغريبة عن دياري/ وما علمت دياري أرضَ غربة/ فقلتُ لها دياري حيث ألقى/ غريب هوى يبادلني المحبة/ دياري فكرة كالنور تسري/ وما احتبست على عَلَمٍ وتربه/ تركتُ سواكن الأوطان خلفي/ لمن ألِفَ الحياة المستتبة/ وسابقت الرياح بكل أفق/ فلي والريح ميثاق وصحبة



العدواني
أصدر مجلة "البعثة" مع صديقه الراحل حمد الرجيب عام 1946 وفي عام 1952 شارك في تحرير مجلة "الرائد" وعام 1958 عين معاونا فنيا لدائرة المعارف.

في عام 1972 قرر مجمع اللغة العربية في القاهرة اختياره مراسلا للمجمع في الكويت، وفي عام 1973 صدر مرسوم بتعيينه أول أمين عام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، حيث تولى الاشراف على انشائه وتأسيسه، وفي فترة إشرافه أصدار عدد من المطبوعات المهمة منها: مجلة "عالم الفكر" التي تولى رئاسة تحريرها منذ انشائها عام 1970 وسلسلة المسرح العالمي عام 1969، وهما من اصدارات وزارة الاعلام ثم تولى الاشراف على اصدار مجلة "عالم المعرفة" ومجلة "الثقافة العالمية.

يقول في قصيدته "كلام": قالت لي السفوح حينما/ رحتٌ أغني للقمم/ أليت تدري أيها المغني..ما القمم؟/ كانت سفوحا مثلنا/ ثم أصابها داء الورم!!/ يا حقد/ لا برحتَ قصة لعاجزِ/ في دار الهمم

كثير من الملحنين والمطربين العرب التفتوا إلى قصائده نظرا لعذوبتها ولسلاسة مفرداتها ولشاعريتها، وتغنوا بها، حيث قامت أم كلثوم كلثوم بغناء قصيدتين له الأولى بعنوان "يا دارنا يا دار" تقول كلماتها:

يا دارنا يا دار/ يا منبت الأحرار/ يا نجمة للسنا/ على جبين المنى/ السحر لما دنا/ غنى لها الأشعار، والثانية بعنوان "أرض الجدود"، كما غنت له الفنانة شهرزاد قصيدته "أيها العاذل"، وتغنت بشعره أيضا نجاح سلام، والفنانة نجاة الصغيرة.

يقول في قصيدته "مناجاة": يا أنت يا من لا أسميها/ تقاصرت قلائد الأسماء كلها/ دون معانيها/ أنا ومن أنا؟/ سجين الآجل المحدد/ ظهرت في دفاتر الأموات/ قبل مولدي/ لكن باسمك/ يا قيثارة الخلود/ أفتض أبكار الوجود/ أجعل قلب الموت معبدي/ أقمت في سكينة/ وكفني التاريخ في يدي/ يحمل جثة العبودية/ وموكبي يختال في منازل الغد/ بالسيف والحرية.

بالإضافة إلى ديوانه "أجنحة العاصفة" صدرت للشاعر بعد وفاته مجموعتان شعريتان هما "أوشال" و"صور وسوانح".

يقول في قصيدته "حكاية": تلك السكاكين التي/ تذبح قلبي كل حين/ كانت بقايا قصة/ كتبتها بدمي المسفوك/ فوق الطين/ انا غريب العالمين!!/ زرعت في الدنيا شكوكي/ وعشت في يقين!