تجاوز فاروق حسني العناصر الواقعية والتفاصيل الدقيقة فوصلت أعماله إلى التجريد المطلق الذي يعتمد على إحساسه العميق بكل ما حوله, وترجمته إلى بعض الرموز التي تدعو المتلقي لتأملها وتخيلها كما لو كان مشاركا له في الإبداع.
إحساسه عميق باللون الذي يظهر براعته في تكوين علاقات حميمية بينه وبين خطوطه التي تنهمر على سطح اللوحة بوعي شديد؛ لتشكل رموزا موحية تتسلل إلى خيال الرائي المتذوق فتفصله عن العالم تماما وتنطلق به في عالم فاروق حسني.
ألوانه تبدو بسيطة مختزلة ومباشرة لكنه يختارها بحذر شديد, ويعالجها برؤيته الشمولية التي تتمتع بالجرأة فهو لا يهاب اللون, ولدية المقدرة على استخدام متناقضاته والمصالحة بينها على مسطح اللوحة؛ لتتعايش وتندمج برقة ونعومه وكأن كل منها ينساب على الآخر في هدوء وراحة للعين, على الرغم من استخدامه للون الأسود القاتم الذي يخافه الكثير من الفنانين.
وكأنه فنان يترك ريشته ووجدانه بحرية يعملا على اللوحة, وكأنه مستغرق في حلم جميل لا يفيق منه إلا عندما يضع توقيعه على اللوحة.
?في معرضه الأخير الذي افتتحه وسط حشد من نجوم السينما والمجتمع في قاعة "الزمالك للفن" عرض نحو 22 لوحة، مستخدما الألوان الأكريليك، عدا سبع منها أستخدم فيها الأوان الباستيل. وتعد هذه المرة الثانية التي لم يمارس فيها حسني الفن لمدة عاما كاملا منذ معرضه السابق الذي أقيم في شهر يناير 2009، وذلك بسبب انتخابات منظمة اليونسكو التي رشح بها، باستثناء لوحة أو لوحتان على الأكثر قام برسمهما، أما عن المرة الأولى الذي توقف فيها مؤقتا عن الرسم فكانت لمدة عامين عندما تولى وزارة الثقافة.
وصف حسني - في مطوية المعرض- حالته حينما يدخل مرسمه بالجوع، بينما يشعر بالانتصار لو حقق لوحة ترضيه، وبالإحباط حينما لم يرض عما رسم، أما أسعد شيء بالنسبة له فهو حينما يرى الفن مكتمل مع ما بداخله فيشعر بالتصالح الذاتي، فلاشك أن الوظيفة لها قيد وقيود، وهو لم يستطع على سبيل المثال الذهاب إلى القهوة العامة كأغلب الفنانين التشكيليين، أو السينما، لكنه حينما يكون بعيدا عن العمل الرسمي يكون حرا أو يتصور ذلك.
الجدير بالذكر أن مجلة "الفنون الجميلة" الفرنسية قامت باختيار حسني واحدا من سبعين فنانا عالميا يقودون الحركة التشكيلية في العالم، مما فاجأ الفنان حيث أنه من المعروف عنه أنه لم يحب الجوائز ولا الاشتراك في المسابقات، والجائزة الوحيدة التي حصل عليها بالمصادفة كانت في عام 1972 من قبل المهرجان الدولي التشكيلي في فرنسا؛ حيث لم يتقدم فنان مصري للمشاركة في المهرجان، فطلب منه المسئول وقتها بأن يتقدم لإنقاذ الموقف؛ ولذلك حصل على الجائزة.