فاطمة الزهراء فلا
التقى جمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب في ختام فعالياته الثقافية بوزير الثقافة المصري فاروق حسني ، حيث امتلأت القاعة بالحضور وخاصة من الكتّاب والإعلاميين ، وأدار اللقاء الإعلامي عبد اللطيف المناوي، بمشاركة د. محمد صابر عرب رئيس الهيئة العامة للكتاب.

استهل د. عرب الحديث مؤكدا أن مفهومنا للثقافة تجاوز قضية المسرح والأدب والإبداع واتسع ليشمل الحياة بكل مواردها، مشيرا إلى ما اعتبرها جهودا كبيرة تبذلها الوزارة لتحقيق أهدافها ولمواجهة الظلامية .

الوزير الذي تأخر عن موعده ساعة كاملة متعللا بصعوبة المرور، أكد في بداية اللقاء أن الحديث عن الثقافة لا يمكن أن تحيط به رأس واحدة، لأنها مسألة نسبية فلكل شخص رؤيته ومعارفه التي يؤثر بها علي المجتمع، تبدأ من حب الإنسان للمعرفة والابتكار وتنتهي برحابة لا يمكن أن نحيط بها بشكل أو بآخر.

وأوضح أن الوزارة مسئولة عن النشاط والحركة الثقافية أما الثقافة نفسها فهي مسئولية الشعوب بأكملها، وهي السلوك الحضاري للبشر ومحصلة لكل تجربته ورؤاه وكل ما قابله في الحياة سواء كان عقلانيا أو عاطفيا أو غير ذلك.

حسني أكد أن مصر دولة متنوعة امتصت كافة الحضارات التي جاءت عليها لتقدم حضارتها الخاصة، مشيرا إلى أن الحضارة المصرية القديمة قدمت طرحها في الأدب والعمارة والفكر والفنون والموسيقى وكافة الفنون، مؤكدًا علي أن المجتمع المصري يستطيع تصدير كل فنون الثقافة، وعلق بأن الفلاح المصري البسيط في الحقل يتصرف بحضارة ويعرف كيف يدبر أمور عائلته بأدوات بسيطة.

وأشار إلي حالة المعرض قبل توليه الوزارة وكيف كان مخصصًا لبيع الكتب فقط، وعندما لاحظ كم الرواد الذين يتدفقون إليه كان لابد من الاستفادة منهم وتقديم الزاد الثقافي إليهم والذي سيعود بدوره علي المجتمع. وكشف الوزير عن عملية نقل المعرض إلي مكان آخر في دورته القادمة يتسع فيه النشاط وبصيغه لم يتم معرفتها بعد.

أجر رمزي

الوزير الذي أكد أن المعرض حق من حقوق المواطن ولا يمكن أن يلغي بقرار من الدولة، سئل عما إذا كان هناك نية بفصل الجانب التجاري عن الثقافي في المعرض وإمكانية أن تتخلي الدولة عن دورها لصالح إحدى الجهات؟ وأجاب بأن الوزارة تعودت علي جمع التجاري والثقافي في الوقت الذي لم يكن هذا متاحًا قبل توليه الوزارة. وأوضح أن المسألة إذا آلت لأصحاب دور النشر فسوف ينقلب المعرض إلي الشكل التجاري البحت، مؤكدًا أن وظيفة الدولة خدمة المجتمع بالعمل الثقافي ودعم أنشطته ليقدم للمواطن بأجر رمزي.

وعن دور الوزارة أوضح أنها تقوم بتوفير العدة والعتاد الثقافي للمجتمع، وتوفير البنية التحتية وهي الآلة الضخمة التي تضخ الثقافة التي ينتجها المجتمع، ولكن وزارة الثقافة لا تنتج ثقافة ووظيفتها اختيار العناصر الجيدة من الإنتاج الثقافي كي تقدمها للمجتمع، مؤكدا علي ضرورة أن تقوم الدولة بالبحث عن رموز جديدة في كافة العمل الثقافي. ولذلك فإنه عندما يتحدث أحد عن تراجع ثقافي تشهده الساحة فهذا ليس صحيح لأنه تراجع إبداعي وليس ثقافي.

وأضاف حسني: نحن في حاجة لإيجاد المحرك الثقافي وهو أهم عنصر لأنه يدرك ويتفحص الموجود في المجتمع لكي يقدمه، وهذا يحتاج لتربية كوادر ثقافية تضع البرمجة الثقافية بتصورات معينة وهذا موضوع علمي أكثر منه أدبي أو فكري ، مؤكدا على ضرورة اختيار هذه الكوادر بجدية بعيدًا عن المحاباة وهذا يعطي للثقافة حقها.

وقال: نحن شعب متنوع بدرجات معرفة وتعليم متفاوتة ولابد من وضع الإستراتيجية الثقافية من خلال ما هو موجود ومتنوع لصالح المجتمع، مؤكدا على أن الوزارة في خدمة الجميع ولا تعتمد علي فكر بعينه وليس هناك أي انتقاء، لأن الفكر يجب طرحه علي المجتمع مثلما استقبلته الوزارة.

وأكد الوزير أنه منذ توليه المسئولية شرع في تنفيذ خطة أخذت منه فترة طويلة حتى يتم تنفيذها وتم فيها عمل بنية تحتية تحقق ما يمكن تخيله، فتم إنشاء المكتبات ومراكز الإبداع وغير ذلك والتي تحتاج في تمويلها إلي ميزانية كبيرة، مع الأخذ في الاعتبار أن جميع الحكومات في العالم تعتبر الثقافة مجرد فعل زائد عن الحاجة ولكن في مجتمعنا لابد من تدخل الدولة لأن طباعة الكتب وإنشاء المسارح وغير ذلك أشياء مكلفة.

جانب من اللقاء

الشوكة الرنانة

وأشار إلى أن الثقافة ليست مثل التليفزيون تستطيع أن تدخل كل بيت ببساطة، وكان القرار بتطوير البنية الثقافية في العاصمة في بداية الأمر لأن الحالة الثقافية للقاهرة كانت متردية ولم يكن فيها معقلاً لتقديم أي شيء، والعاصمة بمثابة الشوكة الرنانة التي يجب أن تكون قوية حتى تتسع الدوائر.

وأضاف حسني أنه تم توسيع الدوائر لتشمل كافة المناطق في الوطن، فتم إنشاء 540 قصرًا للثقافة، واستعادة القصور المهدمة وتمت إقامة المسارح في الأقاليم مع الاهتمام بالمجتمع المدني ومنظماته الثقافية، كما ارتفعت قيمة التفرغ التي تمنح للمبدع بنسبة عالية حتى يكون هناك إبداع حقيقي، وتم إيقاظ التراث المصري وأصبح هناك وعي لدى المجتمع حتى يطرح الكثير من الأشياء داخل قيم المتلقي.

وأوضح أنه تم وضع المشروعات العملاقة، فتم التخطيط لأكبر متحف في العالم، وإنشاء متحف الحضارة، وتم إحياء القاهرة التاريخية وسيتم قريبًا افتتاح الجزء الأكبر من شارع المعز الذي يحتوي علي 33 أثرًا. بجانب إنشاء مكتبات في القرى النائية والتي وصلت إلى 120 مكتبة.

قال الوزير: إن التحدي هو أعظم قيمة يهديها الإنسان لمجتمعه وأنه لا يجب أن نصدق من يقول بأن البساط الثقافي يسحب من تحت مصر، فكيف يمكن هذا ولدينا 120 متحفًا، وهذا يدل علي أن مصر متقدمة ثقافيا، وما يحدث من تراجع إنما هو تقصير من مبدعيها.

وعن السبب في انحسار الثقافة المصرية أكد الوزير علي أن الثقافة عملية إبداعية تبدأ بالتعليم ولابد أن تتكاتف فيها كافة الوزارات. وتحدث عن مشروع القرن بترجمة 2000 كتاب برغم صعوبة المسألة التي تدور في فلك 27 لغة وحق الملكية الفكرية، مشيرا إلى مشروع طه حسين الذي طمح لترجمة 1000 كتاب ولم يقدم سوي 600 كتاب فقط.

وعن المشاكل التي تواجهها قصور الثقافة في الأقاليم أكد حسني أن هذه القصور تحتاج لمن يديرها وأن الموظفين فيها يقومون علي خدمة المبدع، مطالبا بعدم النظرة السطحية لمبدع الأقاليم ؛ فكل الكبار أتوا من هناك مثل يحيي حقي وطه حسين فالإبداع يتخطي الحدود.

لم يمر اللقاء مع حسني دون الحديث عن معركة اليونسكو التي أكد إنه لم يخرج منها مهزومًا حيث كان يحتاج لصوت واحد لكي يفوز بالمنصب العالمي، مشيرًا إلي القوى الصهيونية المضادة التي لا يمكن تصديقها وأنه لم يتخيل أنها بهذه القوة، وأكد أن خلال يومين فقط قبل التصويت كتبت ضده ما تجاوز الـ 4500 مقال تم رصدها من موقع "جوجل" ومعني ذلك أن القوى الصهيونية العالمية قوية ولها خيوط عنكبوتية تلف الكرة الأرضية.