فاطمة الزهراء فلا


كتبت/الشاعرة فاطمة الزهراء فلا -المنصورة।
لم يعد الشعر يغير شيئاً في الخارطة العربية مثلما كان منذ القدم حيث كان للشاعر مريدون وأنصار وأتباع ورواة يتناقلونه عبر الأمكنة المختلفة ،ويحفظ على ألسنة الناس كما كانت الحناجر تردد بعض الأبيات المعروفة لدى عدد من الشعراء ولايخفى على أحد بأن بعض الناس كان يحاول تجنب الشعراء وقصائدهم خوفاً من أن تنالهم سياط الذم والسب والشتائم وغير ذلك من الألفاظ النابية التي تخدش الحياء الانساني.
لم يكن الشعر قديماً بمنأى عن النقد فالعرب يميزون مابين الألفاظ الناضرة في النص والألفاظ المناسبة وأسواق الشعر لديهم كانت منابر يقصدها جمهور وشعراء ونقاد ويتنافس الشعراء فيما بينهم وللعامة ذوق رائع فيما هو من شعر رائع وجميل يشنف الأذن ،وعرفت الحداثة منذ القدم رغم أن الشعراء جميعاً كانوا يرفلون عباءة الخليل بن أحمد الفراهيدي.
وإن كان شعراء العصر الجاهلي ،وخاصة الذين عرفوا بالمعلقات المشهورة وهي ذخيرة في التراث العربي التليد ،إلا أن الشاعر الفحل عنترة بن شداد استطاع أن يرتدي ثوب الحداثة العشرية في قوله :

لو كان قلبي معي مااخترت غيركم

وهناك أمثلة كثيرة على ذلك ،ولما كانت الحياة ليست معطى ثابتاً بل متغيراً قابلاً للتجديد والتحديث والابتكار ،انطلق بدر شاكر السياب ليرفع راية الشعر الحديث متجاوزاً الشاعر جرير في قوله

إن العيون التي في طرفها حور

قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

وكما يرى ويقرأ المتلقي يجد أن البيت ينتمي الى البحر البسيط ،وهنا يأتي السياب بصورة للعيون حيث يشبهها بغاية مكتظة من الأسرار في قوله :

عيناك غابتا نخيل ساعة السحر.

والملاحظ أن السياب مازال في عباءة الخليل فالقصيدة تنتمي الى البحر الكامل ولكنها تتمرد على التكرار في الروي وتشكل منعطفاً حديثاً في الشعر العربي إذ تتنوع القوافي ،وفي تنوعها يشكل النص الشعري جوقة موسيقية أو اوركسترا من الأنغام المتنوعة ،والحداثة هنا مازالت ترفل الثياب القديمة بالوزن ولكنها تنحو منحى آخراً في المعاني الجديدة الجميلة الرائعة ،وهكذا تدخل في شعر الحداثة بما يعرف بمدرسة السياب التي شقت طريقها في فضاءات الابداع صورة ورمزاً ومعنى ثم أعقب ذلك قصيدة الشعر المنثور التي تعتمد على الومضة الخاطفة والجرس الموسيقي والتراكيب الشاعرية المذهلة في طاقم ابداعي أو مدرسة ثالثة من روادها نزيه أبو عفش والماغوط وأنسي الحاج وآخرون ،وما من لون يستطيع أن يلغي اللون الآخر شاء أم أبى ،لأن هذه المدارس جميعها تصب عصارة شهدها الابداعي في الضمير البشري مع اختلاف وجهات النظر .

من هذا المنطلق نظم إقليم شرق الدلتا الثقافي بالدقهلية مؤتمرا أدبيا حمل عنوان (المشهد الشعري في الدقهلية॥الأصالة والمعاصرة)والذي أقيم في أجا وحضره عدد كبير من أدباء الدقهلية والمهتمين بالحركة الثقافية।

رأس المؤتمر الأستاذ الدكتور محمد حافظ دياب وتولي أمانته الشاعر أشرف عزمي ,وقدمت فيه ثلاث جلسات بحثية في الشعر والقصة كانت للباحثين محمد خليل وأمل جمال , وابراهيم حمزة واختتمت بأمسية شعرية لشعراء الدقهلية ادارها فرج مجاهد وكرم فيه الأدباء علي حليمة ويوسف سنبل ومحمد المتولي مسلم।
وكرم فيه أسماء الراحلين الشربيني خطاب وبهاء شامية, وفي كلمته أكد الشاعر مصطفي السعدني رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي علي أن :الحداثة بوصفها نقدا للدين والفلسفة والأخلاق والقانون والتاريخ والاقتصاد والسياسة। وكان النقد أبرز مواصفاتها وسماتها। وكل ما يمثله العصر الحديث كان من صنع النقد بمعنى كونه منهجا في التقصي والخلق والفعل.المفهوم الأساسي في العصر الحديث -التقدم والتطور والثورة والحرية والديمقراطية والعلم والتكنولوجيا- تعود بأصولها إلى النقد। وفي القرن الثامن عشر توجه العقل إلى نقد العالم ونقد نفسه। فأدى بذلك إلى تحويل العقلانية الكلاسيكية إلى هندسات أزلية। أما من حيث نقده لنفسه فقد أنكر العقل البنى الجليلة التي جعلته مرادفا لـ "الكائن" و"الخير" و "الحق"। لم يعد (موطن الفكر)। وتحول إلى طريق ووسيلة للاستطلاع والاستكشاف। ونحن اليوم في هذا المؤتمر نحاول أن نعود إلي الجذور والتمسك بالهوية العربية مهما حاول الغرب تشويه هذه الهوية ,

استمر المؤتمر لمدة يوم واحد , وكان أبرز مايميزه التواجد المكثف لأدباء الدقهلية , والأدارة الواعية للأستاذ عبد العزيز اسماعيل مدير عام ثقافة الدقهلية , ولأول مرة نجد تعاون رجال الأعمال في رعاية مثل هذه المؤتمرات المتمثل في المهندس رشاد الناقر ।حضر اللواء محمد حجازي نيابة عن اللواء سمير سلام محافظ الدقهلية.......تم نشر هذا الخبر علي موقع ميدل ايست وموقع دنيا الرأي برجاء المتابعة.